في الواجهةكتاب السفير
جيل الأبطال الذي كتب التاريخ واستأسد في مونديال U20 بالشيلي
جيل الأبطال الذي كتب التاريخ واستأسد في مونديال U20 بالشيلي

السفير 24 – جمال اشبابي – باريس
هكذا يولد المجد من رحم الحلم، وهكذا يتجدد معنى الانتماء.
في ليلة من ليالي الفخر، حين ارتفعت الراية الحمراء وسط هتاف الجماهير، كتب منتخب المغرب لأقل من عشرين سنة فصلا جديدا في كتاب التاريخ الرياضي الوطني، ليس لأنه بلغ نهائي كأس العالم فحسب، بل لأنه أعاد تعريف معنى أن تكون مغربيا.
لقد بدا هذا الجيل وكأنه تجسيد حي لسياسة كروية رشيدة بدأت ملامحها تتشكل قبل سنوات، حين قررت المملكة أن كرة القدم ليست مجرد لعبة، بل مشروع دولة.
من أكاديمية محمد السادس إلى مراكز التكوين الجهوية، ومن الاستثمار في البنية التحتية إلى تأهيل الأطر التقنية، بنيت منظومة متكاملة جعلت من الحلم واقعًا، ومن الطموح إنجازا.
اليوم، لا يمكن قراءة ما حدث في الملاعب الشيلية بمعزل عن هذا التحول البنيوي العميق.
فالمنتخب الشاب الذي أذهل العالم لم يأت من فراغ، بل من رؤية ملكية بعيدة المدى آمنت بأن الاستثمار في الإنسان هو أقصر طريق نحو العظمة، وأن بناء الأبطال يبدأ من بناء العقول، لا من استيراد الحلول الجاهزة.
الكرة المغربية باتت تتحدث بلغة جديدة: لغة التخطيط، والتوازن، والاستمرارية.
جيل العشرين لم ينتصر فقط، بل قدم برهانا عمليا على أن المغرب لم يعد يبحث عن مجده، بل يصنعه بنفسه.
في كل تمريرة من قدم شاب مغربي، كانت تتجلى روح وطن لا يشيخ.
وفي كل لحظة فوز، كنا نلمح وجه المستقبل… جيلا لا يخاف الضوء، لأنه ولد من وهج الحلم.
لقد غير هذا المنتخب طريقة نظرتنا للرياضة، وذكرنا أن حب الوطن لا يقاس بالشعارات، بل بالفعل والإصرار والتضحية.
إنهم فتية لا يحملون فقط أمل الجماهير، بل يجسدون أمة تؤمن بأن المستحيل ليس مغربيا.
اليوم، وبكل ثقة يمكن القول إن ما تحقق ليس نهاية الرحلة، بل بدايتها الحقيقية.
فالمغرب الذي آمن بتكوين الإنسان قبل تتويجه، يمضي بثبات نحو مرحلة جديدة من النضج الكروي والسيادي أيضا — مرحلة يصنع فيها أبناء الوطن المجد لأنفسهم، ولبلد يليق به المجد.