سياسةفي الواجهة

تصريحات فتاح العلوي تثير جدلاً دستورياً قبل انعقاد المجلس الوزاري

تصريحات فتاح العلوي تثير جدلاً دستورياً قبل انعقاد المجلس الوزاري

le patrice

السفير 24

شهدت الساحة السياسية والإعلامية المغربية خلال الأيام الأخيرة جدلًا واسعًا، عقب التصريحات التي أدلت بها وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح العلوي، لقناة “سكاي نيوز عربية” على هامش اجتماعات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي بواشنطن، حيث تحدثت عن ملامح مشروع قانون المالية لسنة 2026، قبل عرضه رسميًا على أنظار المجلس الوزاري الذي يرأسه صاحب الجلالة الملك محمد السادس.

الوزيرة صرّحت في حديثها بأن إعداد المشروع تمّ “استنادًا إلى التوجيهات الملكية”، مضيفة أن مضامينه تركّز على قطاعات الصحة والتعليم وتقليص الفوارق المجالية، وهي العبارات التي فُهم منها أنها تشير إلى مضامين النقاشات المرتقبة داخل المجلس الوزاري، الأمر الذي أثار انتقادات من بعض الفاعلين السياسيين والمهتمين بالشأن الدستوري، معتبرين أن الوزيرة تحدثت عن مداولات لم تُعلن بعد رسميًا.

وفي هذا السياق، سجّل عدد من البرلمانيين ملاحظات على توقيت التصريح، مؤكدين أن مشروع قانون المالية لا يمكن تقديم تفاصيله أو ملامحه العامة إلا بعد التداول بشأنه في المجلس الوزاري، وفقًا لما تنص عليه المساطر الدستورية والقانون التنظيمي للمالية.

كما أشار النائب البرلماني عبد الله بوانو إلى أن “الوزيرة تحدثت عن أولويات المشروع قبل أن يُعرض على الملك، وهو ما لا ينسجم مع مبدأ التحفّظ الواجب في مثل هذه المراحل الدقيقة”.

هذا وينص دستور المملكة في فصله ال 49 على أن المجلس الوزاري يتداول في القضايا الجوهرية المتعلقة بالسياسات العمومية، ومنها التوجهات الكبرى لمشروع قانون المالية، وهو ما يمنح جلساته طابعًا سريًا يفرض على الوزراء عدم الخوض في تفاصيله أو نتائجه قبل صدور بلاغ رسمي.

أما القانون التنظيمي للمالية، فيشير في مادته 46 إلى أن إعداد المشروع يتم بعد التداول في المجلس الوزاري، مما يجعل أي تصريح مسبق بخصوص مضامينه موضع تساؤل قانوني حول مدى توافقه مع هذا الترتيب الإجرائي.

ورغم الجدل الذي أثارته الواقعة، لم يصدر أي بلاغ رسمي من رئاسة الحكومة أو النيابة العامة بخصوص فتح تحقيق في الموضوع، كما لم تُسجَّل إلى حدود الساعة أي مؤشرات على وجود خرق فعلي للسرّية أو تسريب وثائق رسمية، بل يتعلق الأمر بتصريحات إعلامية اعتُبرت “سابقة لأوانها”.

وتعيد هذه الحادثة النقاش حول ضرورة ضبط آليات التواصل الحكومي، خصوصًا في الملفات ذات الحساسية الدستورية، بما يضمن التوفيق بين حق الرأي العام في المعلومة وواجب التحفّظ المرتبط بالمجالس التي يرأسها جلالة الملك.

وفي انتظار أي توضيح رسمي، يبقى هذا الجدل مناسبة للتذكير بأهمية احترام التسلسل الدستوري للمداولات، باعتباره ركيزة من ركائز الانضباط المؤسسي وحُسن سير العمل الحكومي في إطار الثوابت الدستورية للمملكة.

 

إعلان gardenspacenouaceur

الإدارة

مدير النشر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى