
السفير 24 – اسماعيل الحلوتي
لا يمكن بأي حال من الأحوال أن ينكر المغاربة عامة والجمهور الرياضي الواسع بشكل حاص، تحت أي سبب من الأسباب أن المنتخب المغربي الأول لكرة القدم، عرف منذ أن تقلد وليد الركراكي مسؤولية الإشراف على العارضة الفنية، تحسنا واضحا وملموسا على عدة مستويات، وخاصة فيما يتعلق بالانسجام، لأداء الجماعي والانضباط التكتيكي، كما تشهد بذلك النتائج والإنجازات التي ما انفك يحققها تباعا خلال الثلاث سنوات الأخيرة.
ذلك أن الناخب الوطني وليد الركراكي تم تعيينه في 31 غشت 2022 خلفا للمدرب البوسني “وحيد حاليلوزيتس” في ظروف جد صعبة، ومنذ ذلك الحين إلى اليوم وبلادنا على مشارف استضافة “العرس الإفريقي” والمتمثل في بطولة كأس أمم إفريقيا 2025، خاض المنتخب الوطني أزيد من ثلاثين مباراة بين رسمية وودية، وجاءت الحصيلة إيجابية وجد مشرفة، حيث لم يعرف خلالها عدا أربع هزائم وسبعة تعادلات. والأهم من ذلك هو الإنجاز التاريخي الذي لم يسبق لأي منتخب عربي أو إفريقي أن حققه من قبل، وهو بلوغ “أسود الأطلس” إلى نصف نهائي كأس العالم (قطر 2022).
فما يحسب إذن للمدرب وليد الركراكي، هو أنه استطاع في وقت وجيز أن يضع المنتخب الوطني على سكة الانتصارات وتحقيق الإنجازات، إذ طالما تمكن من إسعاد المغاربة في أكثر من مناسبة، ولم يتوقف قط عن إثارة إعجاب الجماهير الرياضية وخاصة في فعاليات كأس العالم (قطر 2022)، حيث أبان عن قدرات عالية وتميز بصفات كبار المدربين، من خلال حسن التواصل والتعامل مع اللاعبين، والحفاظ على علاقات جيدة معهم وتحفيزهم، فضلا عن تكريس روح المجموعة وثقافة الانتصار لديهم بما يجعلهم أكثر استعدادا للفوز وقادرين على دخول رقعة الملاعب بحالة ذهنية جيدة، ويمنحهم الثقة في النفس لإظهار قدراتهم، الكشف عن مهاراتهم وروح قتالية عالية لتشريف العلم والقميص الوطنيين.
بيد أنه وفي خضم الفرحة الكبرى التي غمرت قلوب المواطنات والمواطنين من طنجة إلى لكويرة، ليس فقط بتدشين المركب الرياضي الأمير مولاي عبد الله في حلته العالمية الجديدة التي أبهرت شعوب وبلدان العالم بما فيها المتقدمة، من قبل ولي العهد سمو الأمير مولاي الحسن يوم الخميس 4 شتنبر 2025، بل وكذلك بتأهل المنتخب الوطني رسميا وللمرة الثالثة تواليا قبل حتى أن يسدل ستار التصفيات، كأول منتخب عربي وإفريقي يحجز “بطاقة العبور” إلى بطولة كأس العالم 2026 المقرر تنظيمها بشكل مشترك بين ثلاث دول: الولايات المتحدة الأمريكية وكندا والمكسيك، إثر انتصاره الساحق على منتخب النيجر بخماسية نظيفة يوم الجمعة 5 شتنبر 2025 بالملعب “الجوهرة” بمدينة الرباط، مما جعله يرفع من رصيده إلى 18 نقطة في صدارة المجموعة متقدما على منتخب تنزانيا بثماني نقط قبل جولتين من نهاية التصفيات..
أبى وليد الركراكي إلا أن يثير حفيظة سكان منطقة الشرق عامة ومدينة وجدة على وجه الخصوص، على خلفية تصريح إعلامي عقب فوز المنتخب المغربي وتأهله لكأس العالم، حيث قال بأنه كان سينزعج كثيرا لو تحقق هذا التأهل في ملعب وجدة. وهي العبارة التي اعتبرها البعض مجرد زلة لسان، لا يمكن مؤاخذته عليها في مثل هذه الظروف السعيدة، فيما رأى فيها الوجديون إساءة كبرى لهم ولمدينتهم ولملعبهم، مما جعل منصات التواصل الاجتماعي تعج بردود فعل غاضبة وانتقادات شديدة اللهجة، حيث عبر الكثيرون عن امتعاضهم وتذمرهم، واصفين تصريحاته بالتعالي والتقليل من شأن المدينة التي أنجبت أسماء بارزة في الرياضة كما في الثقافة والسياسة، وتهميش متواصل لمنطقة الشرق المغربي”، كما أنها كشفت عن تلك النظرة الدونية تجاه هذه الجهة، التي ما انفك سكانها يعانون من مشاكل اقتصادية واجتماعية.
من هنا وانطلاقا مما باتت تعرفه كرة القدم المغربية من تطور وتحققه من إنجازات بالنسبة للجنسين في مختلف الفئات السنية، ولاسيما بعد أن فاز منتخب المحليين بكأس أمم إفريقيا برسم سنة 2024 التي استضافتها ثلاث دول: كينيا، تنزانيا وأوغندا، وهي المرة الثالثة التي تأتي بعد نسختي 2018/2020، إثر انتصاره المستحق يوم السبت 30 غشت 2025 على منتخب مدغشقر (3/2)، أصبح المنتخب الوطني المغربي مطالبا بمضاعفة الجهود من أجل إحراز لقب بطولة كأس إفريقيا للأمم التي ستحتضنها بلادنا ابتداء من شهر دجنبر 2025، مما يتطلب من وليد الركراكي التصالح مع جميع الجماهير بمختلف المدن المغربية، وتقديم اعتذار لسكان مدينة وجدة.
نحن جميعا نقدر ما يبذله الناخب الوطني وليد الركراكي من جهود في سبيل الارتقاء بمستوى المنتخب الوطني لكرة القدم، ومحاولة تحقيق آمال وأحلام المغاربة من خلال الفوز بكأس أمم إفريقيا 2025، والحفاظ على ما سبق أن تحقق من إنجاز تاريخي في كأس العالم قطر 2022، لكننا في ذات الوقت نرفض بشدة أن يسيء لأي جهة من جهات المغرب ولو بدون قصد. وحتى يظل كبيرا في عيوننا، فما عليه إلا أن يسارع إلى الاعتذار لأهل وجدة خاصة، فالاعتذار من شيم الكبار.