ليلة المولد بمداغ بين البهوت والجدل حول شرعية الزعامة الروحية
ليلة المولد بمداغ بين البهوت والجدل حول شرعية الزعامة الروحية

السفير 24 – عبد الفتاح المنطري
شهدت زاوية مداغ، ليلة المولد النبوي لهذه السنة، أجواء غير معتادة طبعتها البهوت والغياب اللافت لأبرز رموز الطريقة القادرية البودشيشية، في مقدمتهم الدكتور منير القادري البودشيشي، الابن الأكبر للشيخ الراحل سيدي جمال، والموصى به من قبل شيوخ السلف باعتباره وارث السر الروحي للطريقة.
غياب المأذون الشرعي إلى جانب غياب أعداد كبيرة من المريدين الذين اعتادوا التوافد على الزاوية من مختلف مناطق المغرب والعالم، جعل الاحتفال يبدو باهتًا مقارنة بالسنوات السابقة، حيث كانت القاعة تغصّ بالحضور وتواكبها وسائل الإعلام الوطنية والدولية.
المشهد أثار الكثير من النقاش داخل الزاوية وخارجها، خصوصًا بعد أن برز اسم معاذ القادري، شقيق منير، كوجه بارز ضمن الاحتفال. فقد تمت الإحاطة به كشيخ جديد من طرف بعض أتباع الطريقة، الأمر الذي اعتبره مراقبون توجهًا مثيرًا للجدل لا يحظى بإجماع المريدين.
وازدادت حدة الجدل بعد تداول شهادات تفيد بأن بعض الفقهاء والأئمة دُعوا إلى لقاء قيل إنه تحت إشراف وزارة الأوقاف، لكن سرعان ما اتضح أن الهدف غير المعلن هو كسب الدعم لمعاذ القادري، مع ترويج أخبار عن وعود مادية ومناصب، وهو ما أثار استياء بعض الحاضرين الذين رأوا في ذلك استغلالًا لرمزية الزوايا.
القضية أعادت إلى الواجهة النقاش حول استقلالية الزوايا الصوفية المغربية، ودور وزارة الأوقاف في تدبير الحقل الديني. فبينما يرى البعض أن إشراك الأئمة في هذه اللقاءات يندرج ضمن التأطير الرسمي، يعتبر آخرون أن الزج بهم في صراعات داخلية يهدد رسالتهم الروحية ويفقدهم ثقة المجتمع.
ورغم هذا الجدل، لا تزال الطريقة القادرية البودشيشية محافظة على رصيدها الروحي الكبير، من خلال حلقات الذكر، وتلاوة القرآن، وقراءة البخاري والشفا، والدعاء الدائم للوطن والملك.
كما تواصل زواياها المنتشرة داخل المغرب وخارجه أداء أدوار تربوية وثقافية واجتماعية، وتحافظ على حضور رقمي نشط عبر مختلف منصات التواصل الاجتماعي.
ويظل الدكتور منير القادري، رئيس الملتقى العالمي للتصوف الذي يُعقد سنويًا بمداغ، أحد أبرز الأسماء المرتبطة بالطريقة، حيث يشرف على ملتقيات تستقطب علماء ومريدين من مختلف بقاع العالم، في استمرار لمسار الشيخ سيدي حمزة البودشيشي رحمه الله، الذي جعل من التصوف مدرسة للصفاء الروحي وخدمة الدين والوطن.
في ظل هذه المستجدات، تبقى زاوية مداغ أمام منعطف حساس: فهل ستنجح في تجاوز الخلافات الداخلية والحفاظ على رسالتها الروحية الجامعة، أم ستستمر أجواء البهوت والجدل في إضعاف صورتها التي طالما ارتبطت بالسكينة والنورانية؟