في الواجهةكتاب السفير

ماذا خلف افتعال أزمة قمصان بركان!

ماذا خلف افتعال أزمة قمصان بركان!

le patrice

السفير 24 – بقلم: اسماعيل الحلوتي

      على هامش الأزمة الرياضية المفتعلة، التي تسببت في إلغاء مبارتي الذهاب والإياب بين نادي نهضة بركان المغربي ونظيره اتحاد العاصمة الجزائري برسم نصف نهائي كأس الاتحاد الإفريقي لكرة القدم، وأدت إلى اعتبار النادي المغربي فائزا ومؤهلا لإجراء مباراة الدور النهائي ضد نادي الزمالك المصري. حيث كان مقررا إجراء مباراة الذهاب يوم الأحد 21 أبريل 2024 بملعب “5 جويلية” في العاصمة الجزائرية، لولا إقدام مصلحة الجمارك في مطار “هواري بومدين” على حجز أمتعة النادي المغربي، بدعوى أن قميصه الرسمي مزين بخريطة المغرب متضمنة الصحراء المتنازع عليها، وإلغاء مقابلة الإياب التي كانت بدورها مبرمجة في 28 أبريل 2024، إثر احتجاج الفريق الجزائري على ذات القمصان.

      وهي الأزمة التي أعادت إلى الأذهان ما سبق أن نبه إليه المدون الجزائري المعارض للنظام العسكري الجزائري أمير بوخرص، المعروف إعلاميا باسم “أمير دي زاد” منذ شهور في إحدى خرجاته الإعلامية، حيث دأب على تسريب أخبار صحيحة وفضح كابرانات ومخابرات الجزائر وأبناء الوزراء وكبار الشخصيات العسكرية والمدنية من الفاسدين، إذ أكد في شريط مصور بأن الدولة الجزائرية العميقة مصرة على الدفع بالجماهير الرياضية نحو مهاجمة الناخب الوطني جمال بلماضي وإجباره على الرحيل مباشرة بعد نهاية كأس إفريقيا للأمم بالكوت ديفوار، فضلا عن أن هناك مخططا آخر لجر الاتحاد الجزائري لكرة القدم “الفاف” إلى خرق قوانين “الفيفا”، من أجل أن يتعرض المنتخب وبعض الأندية الرياضية إلى عقوبات صارمة وحرمانها من المشاركة في المسابقات القارية والدولية…

      فما هي يا ترى خلفيات افتعال الكابرانات مثل هذه الأزمات، والزج بالاتحاد الجزائري لكرة القدم في أتون معركة يعرفون مسبقا أن مصيرها لن يكون أحسن حالا من مصير ملف النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية؟ وردا على هذا السؤال يرى عديد المراقبين الدوليين والمحللين الرياضيين المشهود لهم بالكفاءة، أن “الاتحاد الجزائري” مغلوب على أمره، وأصبح مهددا بالحرمان من المنافسات القارية على صعيد الأندية والمنتخبات لمدة لا تقل عن سنة، ويحتمل ألا يشارك المنتخب الجزائري في كأس إفريقيا بالمغرب 2025 وكذا كأس العالم 2026، بعد ثبوت تدخل الدولة في شؤون الكرة، كما يدل على ذلك انتظار بعثة الفريق داخل الملعب التعليمات من الجزائر، ثم انسحاب نادي اتحاد العاصمة من خوض مباراة الإياب، ولاسيما أن لوائح الكونفدرالية الإفريقية والاتحاد الدولي لكرة القدم، تمنع أي تدخل حكومي أو سياسي في شؤون الاتحادات الرياضية الوطنية.

      وبصرف النظر عما يسعى الكابرانات إلى تحقيقه من أهداف خبيثة ومقيتة، وعلى رأسها تعميق الخلافات بين الشعبين الشقيقين الجزائري والمغربي ورفع منسوب قيم الحقد والكراهية بينهما، بالإضافة إلى محاولة إلهاء الجزائريين عن حدث إعلان حركة تقرير مصير منطقة القبايل عن استقلالها عن الجزائر ابتداء من يوم السبت 20 أبريل 2024، فإنهم نسوا أو تناسوا كم مرة انقلب عليهم سحرهم، خاصة أن “الكاف” أعد ملفا قويا ومتكاملا للمرافعة أمام المحكمة الرياضية الدولية “طاس” ضد الاتحادية الجزائرية، مستعينا في ذلك بما يتوفر عليه من أدلة دامغة حول عرقلة السلطات الجزائرية إجراء مباراة يشرف على تنظيمها، بعد مصادرة أمتعة وقمصان الفريق المغربي، لأسباب تافهة.

      ويجمع العارفون بخفايا الأمور هناك في الجارة الشرقية، ومعهم كل من تابع أطوار هذه المهزلة غير المسبوقة في تاريخ كرة القدم، التي كشفت عن مستوى الغباء لدى الماسكين بزمام الأمور من العجزة، على أن منعهم لاعبي نادي نهضة بركان من اللعب بقمصانهم الرسمية المزينة بخريطة المغرب كاملة من طنجة إلى لكويرة، هي مسرحية رديئة الإخراج، صيغت فصولها بارتباك منذ أن حظي المغرب بشرف تنظيم بطولة أمم إفريقيا برسم سنة 2025، للحيلولة دون تنقل الجماهير الجزائرية إلى المغرب لتشجيع منتخبهم الوطني إذا ما تأهل لنهائيات هذا العرس الإفريقي، واكتشاف ما قطعه جيرانهم من خطوات عملاقة على عدة مستويات رغم محدودية الموارد المالية، وخاصة ما يتعلق بالبنيات التحتية ومنها الملاعب الرياضية والفنادق والطرق والموانئ وغيرها، مقارنة مع بلدهم الذي له من مقدرات النفط والغاز الضخمة، ما يضاهي به البلدان الغنية، ومازال يعيش أوضاعا سيئة اقتصاديا واجتماعيا ورياضيا وسياسيا وثقافيا…

      إن المغرب عكس ما أقدمت عليه مصلحة الجمارك بإيعاز من الكابرانات في مطار “هواري بومدين” من استفزازات وأساليب لا أخلاقية، من خلال احتجاز بعثة نادي نهضة بركان المغربي أزيد من عشر ساعات، ومصادرة أمتعته وقمصانه الرسمية، تحت ذريعة أنها مرصعة بخريطة المغرب كاملة من طنجة إلى لكويرة، فقد استقبل بعثة الفريق الجزائري في مطار وجدة-أنكاد بالحليب والتمر والورود، وترديد شعارات الترحيب، مما يؤكد أن المملكة المغربية الشريفة أمة ذات تاريخ عريق، تحارب الانفصال كيفما كان نوعه، تحترم  القانون الدولي وسيادة الدول، وأن الشعب المغربي حريص على التمسك بتعاليمه الدينية السمحة من حيث التعامل الإنساني الراقي والحضاري، نبذ الخلافات واحترام مبدأ حسن الجوار…

الإدارة

مدير النشر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى