أكاديميون يرصدون “تحولات المشهد السياسي المغربي على ضوء انتخابات 2021”
أكاديميون يرصدون "تحولات المشهد السياسي المغربي على ضوء انتخابات 2021"

السفير 24
في مداخلته المعنونة بـ “انتخابات 2021 وتداعياتها المفترضة على الحياة السياسية” قال ذ. محمد البوز “أن استحقاقات الثامن من شتنبر تصدرتها أحزاب كان وإلى حدود 2011 يتم التبشير بنهايتها”.
واستطرد قائلا، “أن نتائج الانتخابات بالنسبة له غير منشورة وغير متاحة، وحتى إن وجدت فهي غير متوفرة بشكل رسمي على موقع وزارة الداخلية، وتساءل مستغربا عن فقدان حزب العدالة والتنمية بشكل مفاجئ للأصوات التي كان يتحصل عليها والتي كانت تتجاوز المليون”.
وأضاف، أن الانتخابات الأخيرة يمكن أن نستخرج منها مجموعة من المعطيات، المعطى الأول اعتبر فيه أن فقدان حزب معين 95 في المئة من مقاعده نتيجة غير منطقية، المعطى الثاني حدده قائلا “العودة القوية لبروفايل معين من المنتخبين القائم على أساس النفوذ الاقتصادي والنفود العائلي والنفود المحلي، وهذه الظاهرة أصبحت منتشرة في البرلمان المغربي”.
وأكد البوز أن “الخطاب السياسي أصبح ضعيفا، ومتجه نحو الإعلاء من الخطاب التقني والرهان على الخدمة أكثر من الرهان على السياسة، يمكن أن نقول أننا نتجه نحو الموت البطيء للسياسة، ففي السابق كان المشهد السياسي يتميز بنوع من التقاطب والمنافسة السياسية، إضافة أن الأحزاب كانت قائمة على أيديولوجيات حقيقية، لكن اليوم أصبحت أحزاب الخدمة تتصدر المشهد وتفرض تقنيات اللعب”.
وأشار، “أن الحياة السياسية تتجه نحو الطابع الفرجوي، من خلال الاستعمال المكثف للصورة الإشهارية والاعلام الإلكتروني والمال، واعتبر أننا نتجه نحو إضعاف سلطة المنتخب، فمع دستور 2011 كنا ننتظر اعادة الاعتبار للزمن الانتخابي لكن حصل العكس، وأضاف أننا أصبحنا أمام التدبير التقني للسياسة والتعامل مع تدبير الشأن العام بمنطق المقاولة، والتداخل المريب بين الثروة والسلطة، فرئيس الحكومة تتقاطع فيه المصلحة الشخصية والأعمال التجارية”.
وخلص ذ. البوز أن الحياة السياسية في المغرب تتجه إلى تكريس فكرة الحزب الوحيد، بقوله “على الرغم من أن الساحة السياسية تعرف وجود العديد من الأحزاب، لكن نلاحظ نوعا من التماهي بينها، في الأفكار السياسية والبرامج الانتخابية والاختيارات وأساليب الممارسة…، وأصبح للأسف الحزب الناجح هو الذي يستطيع أن يعبئ أكبر عدد من الأعيان وأن يصرف أكبر قدر ممكن من الأموال، وأن يقدم أكبر قدر من الوعود، وليس مشكلا أن لا يمتلك بالضرورة أعضاء ولا مناضلين ولا منظمات موازية ولا حتى مقرات قارة…”؛
هذه المداخلة قدمت في إطار الندوة التي نظمت بجامعة محمد الخامس بالرباط بشراكة مع مؤسسة هانس زايدل، والمركز متعدد التخصصات للبحث في حسن الأداء والتنافسية، الندوة كانت تحت عنوان “تحولات المشهد السياسي المغربي على ضوء انتخابات 2021″، مساء أول أمس الجمعة 15 أبريل، بفندق إيبيس بالرباط، وعرفت الندوة مشاركة أساتذة من كليتي الحقوق السويسي وأكدال.
وقد جرى افتتاح الندوة بكلمة كل من ذ. أحمد بوز منسق فريق البحث في الأداء السياسي والدستوري بكلية الحقوق السويسي وذ. عبد الحافظ إدمينو، رئيس شعبة القانون العام بكلية الحقوق السويسي.
وتطرقت بدورها الأستاذة بثينة قروري في مداخلتها المعنونة بـ “ملامح السياسة الانتخابية في المغرب: انتخابات 8 شتنبر2021 نموذجا”، إلى ملامح تطور السياسة الانتخابية في المغرب.
وقالت قروري في مداخلتها أن “وزارة الداخلية تحتكر عملية الإشراف على الانتخابات، ورغم محاولات بعض الأحزاب السياسية لتقنين عملية الإشراف، إلا أنه يتضح لنا أن تعامل الأحزاب السياسية عموما وتعاطيها مع هذا الموضوع، كان تعاطيا نفعيا، والدليل أن هذا المطلب لا نجده حاضر في تعديلات القوانين الانتخابية التي تتقدم بها الأحزاب السياسية ولا في مذكراتها عموما.
وأضافت قروري “في انتخابات 2021 لأول مرة تتم خرق قاعدة التوافق حول قاعدة القوانين الانتخابية، من خلال تقاطب واضح في تصريحات قادة الأحزاب السياسية المشاركة في المشاورات والتي كانت تركز أساسا على لائحة الشباب والقاسم الانتخابي، وهو ما جعل وزير الداخلية لأول مرة وهو يقدم القوانين الانتخابية أمام اللجان البرلمانية، يشير إلى أن وزارة الداخلية قامت بدور الوساطة بين الأحزاب السياسية، في حين أن وزارة الداخلية سابقا كانت دائما تتحدث على أنها تسهر على عملية التوافق بين الأحزاب”.
وخلصت قروري، إلى “أن عملية إشراف وزارة الداخلية على الانتخابات هي معطى بنيوي في السياسة الانتخابية، كما قال المرحوم الحسن الثاني أن الانتخابات هي أحد اختصاصات الدولة وأنها تدخل في إطار مرفق عام”.
وانتهت بثينة في مداخلتها إلى أن “العناصر البنيوية والجوهرية للسياسة الانتخابية في المغرب، لم تعرف تغيرا عميقا وإنما عرفت بعض التغيرات التي يمكن أن نقول أنها عملت على ضبط الهندسة الانتخابية وإعادة توزيع وتموقع الفاعلين السياسيين، لكن في جوهرها البنية السياسية الانتخابية حافظت على أهم معالمها الكبرى، وهذه التغيرات كانت فقط لضبط أحجام الأحزاب السياسية”.
وفي مداخلة الأستاذ غسان الامراني التي دار رحاها حول ” القانون الانتخابي والنتائج أية علاقة” قال أن “هذه الانتخابات بالنسبة لي جد مختلفة عن سابقاتها لأسباب متعددة وهي كالتالي”:
أولا: السياق الاستثنائي للانتخابات الذي يعرفه الجميع، وهو ظروف الجائحة والتدابير الاحترازية، كما أنها هي ثالث انتخابات في ظل دستور 2011، وثالث انتخابات بعد ولايتين قادهما حزب العدالة والتنمية؛
ثانيا: انتخابات 2021 تعيدنا إلى ما قبل 2002، أي المرحلة الممتدة من 1963 إلى 1997؛
ثالثا: اعتبر أن الاعلام في الحملة الانتخابية لم يكن محايدا خصوصا الجرائد والمواقع الإلكترونية، وتم استهداف أحد الأحزاب، من خلال تسريب فيديوهات لطرد مواطنين لقيادي في أحد الأحزاب مما يعني أنه كان هناك توجيه إعلامي أثناء الحملة؛
رابعا: اعتبر أن القرار المتخذ لتنظيم ثلاث انتخابات في يوم واحد، هو قرار من أجل توجيه العملية الانتخابية لأننا نعلم جميعا أن نسبة المشاركة تكون مرتفعة في الانتخابات الجماعية بالمقارنة بالانتخابات التشريعية، لأن الرهان المحلي هو دائما يغلب على الرهان الوطني؛
خامسا: نلاحظ غياب المعطيات والمعلومات المتعلقة بالانتخابات بالمقارنة مع انتخابات 2016، بمعنى وجود تعتيم إعلامي؛
سادسا: خروج المجلس الوطني لحقوق الانسان وتنويهيه بالعملية الانتخابية قبل أن يتوصل بتقارير الملاحظين؛
سابعا: الحزب الأول لم يستطع تكرار نتيجة 2016 تراجع ب 23 مقعد، وذلك راجع إلى القاسم الانتخابي، كما كانت نتائج انتخابات الثامن من شتنبر صادمة بالنسبة للجميع خاصة بعد التراجع الكبير لنتائج حزب العدالة التنمية.
أما الأستاذ منعم لزعر، تطرق في ورقته لموضوع “الترحال وصناعة الخريطة الانتخابية في ضوء انتخابات 8 شتنبر 2021” حيث اعتبر أنه رغم التحولات المعيارية السياسية الانتخابية على امتداد زمنية الفعل الانتخابي، فإن الترحال السياسي مزال يصنع الحدث الانتخابي سواء تعلق الأمر بالرهانات الفردية للترحال أو الرهانات الجماعية.
وقال لزعر، “إذا كانت العلاقة بين القواعد الانتخابية والسلوك السياسي والانتخابي قد تكون علاقة حتمية أو علاقة احتمالية أو علاقة عكسية، فإن العلاقة بين القواعد المعيارية والصياغة المعيارية والترحال هي علاقة تنافرية فالقاعدة تتحرك بتأثير صفري والترحال يتحرك بتكلفة صفرية كذلك”.
وأضاف منعم، “الترحال كما نعرف ليس ترحال واحدا وانما لديه نسخ متعددة من الصور فالترحال قد ينظر إليه كسلوك فردي أو كظاهرة أو قد ينظر إليه كمنظومة، قد ينظر إليه كحركية شبيهة بحركيات رجال السلطة والسفراء المسؤولين….”
وانتهى بقوله “المشهد السياسي يبدو أنه لعبة مراكز وليس لعبة هوامش، لعبة شخصيات تقوم بالبحث عن الأمان من خلال الانتقال إلى حزب أخر فهي لعبة مصالح وليست لعبة ولاءات هي لعبة رهانات وليست لعبة تعاقدات”.
أما الأستاذ عبد الحميد بن خطاب، تحدت عن العلاقة بين مفهوم السيادة والانتخابات وتطورها على مستوى الفكر السياسي والفكر الدستوري، إضافة إلى الحدود التي يمكن أن تؤثر على الحقل الانتخابي.
وقال في هذا الصدد “تقتضي السيادة إعطاء الحق للمواطنين لاختيار ممثليهم وهنا نطرح سؤال هل كل من يمارس السلطة داخل الدولة هو منتخب من قبل الشعب سنجد أن الكثير من السلط لا تستمد سلطتها ولا سيادتها من سيادة الشعب نفسه، يقول جون جاك روسو إذا كان المجتمع مكون من 10000 مواطن فإن السيادة مجزئة إلى عشرة الالاف جزء يؤثر كل واحد منها بقدر معين، لكن ما يلاحظ أن الحق الانتخابي يخضع لمجموعة من الشروط، منها التسجيل الارادي في اللوائح الانتخابية، إضافة إلى تحديد السن القانوني للتصويت، علما أن التقطيع الانتخابي يحد من حرية المواطنين في التصويت واختيار ممثليهم…”.