كتشاف المصلحة العامة كجثة هامدة بعد تصفية كائنات التسلط الانتهازي بالعمادة السابقة بكلية الحقوق بالمحمدية (الجزء السادس)
* بقلم: د. المصطفى ساجد
فجميع الشكايات المحررة ضد طاقم العمادة السابقة كان مصيرها التجميد والرمي بها بسلة المهملات وضرب مصداقيتها من طرف ذوي المسؤوليات الإدارية برئاسة الجامعة وعبر اصطفاف بعض أعضاء مجلس الجامعة الذين كانوا، في إطار أخطبوط جامعي يقتسم المنافع و يتبادل المصالح، يلعبون دور “سفراء الخدمة ورجال المطافئ” و يتسترون على فظاعة تجاوزات طاقم ” أبو نهاب” الذي عبث بالمسؤولية وسخرها صوب التسريع الانتهازي لطموحات الترقية والاغتناء غير المشروع.
فهواجس مركزة القرار و شخصنة تدبير جميع شؤون المؤسسة هي التي دفعت طاقم العمادة السابقة إلى ارتكاب الخروقات والممارسات الغير قانونية والى اللجوء الى أساليب التزوير والتحكم في نتائج انتخابات الهياكل الجامعية لاقتراع 9 نونبر 2017، وذلك من أجل خلق هياكل جامعية على المقاس يكون أعضاءها من المباركين و الموالين، ذوي الولاء وحسن السيرة، والذين يمتثلون للأوامر ويلتزمون الصمت اتجاه ما يقترف من تجاوزات و ممارسات خسيسة واعتداءات دنيئة المفروض مقاومتها وفضحها ومناهضتها.
وفي هذا الصدد لا يفوتنا أن نوضح للرأي العام ما آلت إليه الأوضاع بالجامعة العمومية بحيث أن مظاهر غريبة أضحت تتفشى بدون مقاومة شرسة و بدون صراع قوي من طرف الهياكل النقابية التي اختارت دور المتفرج اتجاه هيمنة الأطراف الإدارية من وزارة و رؤساء الجامعات والمؤسسات التابعة لها. فهذا الضعف النقابي وتواطؤ أعضاء الهياكل الجامعية هو من بين العوامل التي تفسر تحويل مؤسسات الجامعة الى محميات وضيعات خاصة و أماكن خصبة لقضاء المصالح الشخصية والعائلية والحزبية والفئوية. فالانتخابات الأخيرة للهياكل الجامعية (اقتراع 25 نونبر 2020) خير دليل على ذلك بحيث أن رؤساء مجموعة من المؤسسات الجامعية نزلوا بقوة للتحكم في نتائجها ولطبخها قصد التمكن من هياكل جامعية على مقاس أغراضهم. وفي هذا الإطار، فقد حررت بيانات وشكايات ورسائل موجهة للإطراف الوصية المعنية من طرف مجموعة من الفاعلين الجامعيين بمجموعة من المؤسسات الجامعية ومن ذوي المسؤوليات النقابية.
فالتجارب السابقة أبانت على أن الأطراف الوصية (الوزارة – رؤساء الجامعات) لا يعيرون أدنى اهتمام للرسائل والشكايات والبيانات و الطعون فيما يتعلق بالخروقات و التزوير وكل الممارسات المنافية للقانون والتي تشوب عمليات تنظيم انتخابات الهياكل الجامعية. وفي هذا الصدد، ولتوضيح ذلك، يجب الإشارة إلى أن المكتب المحلي النقابي لكلية الحقوق بالمحمدية قد دون الخروقات، من تزوير للنتائج وممارسات أخرى لا قانونية، التي طبعت انتخابات الهياكل الجامعية (اقتراع 9 نونبر 2017) بهذه المؤسسة، في بيان مدقق و معلل ببنود النصوص القانونية،و الذي تم إرساله، مرفقا بطعون مرشحين متضررين، الى رئيس الجامعة المعنية والى أعضاء مجلس الجامعة.
إلا أن اصطفاف رئيس الجامعة و حاشيته، ذات قنوات التواطؤ والدعم، وكذلك تسديد الخدمات القذرة بالمقابل من طرف نماذج احترفت المسؤوليات النقابية و بالهياكل الجامعية، فهي سلوكيات وخدمات تهدف إلى ضرب مصداقية البيانات وشكايات الفاعلين الجامعيين، وبالتالي ترك المؤسسة تحت قبضة طاقم إداري اعتمد دوما التسلط والتصلب لخدمة الأهداف الانتهازية والطموحات الغريبة على فاعل جامعي يعتبر كمنتج للمعرفة ولأفكار التقدم والتغيير وبتسهيل وحشد مساندة نمط تدبيره للمؤسسة عبر استقطاب ذوي المسؤوليات بالمؤسسة وبالجامعة، وضخهم داخل أنبوب ونظام الامتيازات والمقايضات.
فرغم الجرم المرتكب في حق المصلحة العامة والتنكيل بمهام وحقوق الفاعلين الجامعيين، ومراسلة المكتب المحلي النقابي في شأن انتهاء المدة القانونية للتسيير بالنيابة وضرورة تعويض العميد الذي انتهت ولايته بانتهاء المدة القانونية للتسيير بالنيابة، والذي كان مرشحا لمباراة شغل المنصب للمرة الثانية، إلا أن رئاسة الجامعة تمسكت و تشبتت بطاقم العمادة السابقة لمدة تجاوزت ما هو منصوص عليه قانونيا.
فحتى المكاتب النقابية، على المستوى الوطني والجهوي، ساهمت في حماية “ديكتاتورية كلية الحقوق بالمحمدية”، بحيث أنه لم يسبق بتاتا لهذه الهياكل النقابية أن ساندت المكتب المحلي النقابي في صراعه ضد التجاوزات والتعسفات الفظيعة للعمادة السابقة وأن اصطفافها بجانب الجلاد الذي عبث رفقة طاقمه بالمسؤولية، كما يحلو له، يعتبر كارثة و تواطؤ مخجل و مفضوح ومكشوف. فهذه المكاتب النقابية اختارت الصمت، وترك قانون الغاب يسري على المؤسسة و الفوضى العارمة، من تجاوزات ومحاولات الترهيب والتهديد و تحويل الحقوق إلى امتيازات، رغم توصل هذه الهياكل (المكتب الوطني والمكتب الجهوي) بالعديد من البيانات للمكتب المحلي ورغم معاناة مجموعة من الأساتذة الباحثين الذين كانوا عرضة للانتقامات وتصفية الحسابات ولسيناريوهات محبوكة. أكيد أن الاعتبارات الحزبية والمقايضات المنفعية تفسر عدم الاهتمام بما يقع بهذه المؤسسة، خاصة وأن من زاول مهمة عميد وعميد بالنيابة لكلية الحقوق ينتمي للحزب الذي يهيمن على الأجهزة الوطنية للنقابة الوطنية للتعليم العالي (المكتب الوطني واللجنة الإدارية)، من خلال الحصص المخصصة والمضخمة لأعضاء هذه الهياكل والتي تنبثق عن أشغال مؤتمرات النقابة المعنية.
أية مصداقية لمكتب جهوي نقابي لم يسبق له بتاتا أن حرر بيانا للاستنكار والتنديد بنمط تدبيري اعتدائي ممنهج للعمادة السابقة لهذه المؤسسة؟
فالالتصاق بكرسي المسؤوليات النقابية أضحى أهم من تفعيل العمل النقابي وإشهار عتاده النضالي، بحيث أن المكتب الجهوي لمدينة المحمدية لم يعرف قط تجديد هياكله لمدة تناهز سبع سنوات، كما أنه لم يسبق أن عقد جمعا عاما واحدا خلال هذه الفترة الزمنية الطويلة، لمناقشة قضايا ومشاكل المؤسسات الجامعية المعنية.
في هذا الإطار ينبغي التوضيح أن الجموع العامة التي تم عقدها، تدخل ضمن الزيارات التواصلية لأعضاء المكتب الوطني للنقابة الوطنية للتعليم العالي، للمؤسسات الجامعية لاطلاع الأساتذة الباحثين عن مآل الملف المطلبي الذي ظل عالقا لمدة تناهز عقدين من الزمان نظرا لغياب الحوار الجدي مع الوزارة المعنية لحكومات متعاقبة غير مبالية بالدور الايجابي والأساسي للقطاعات الاجتماعية على الرأسمال البشري والتنمية الشاملة، وبالتالي فما هي إلا منفذة لسياسية اقتصادية تطرز على مقاس أهداف الدولة النافذة وإملاءات وتوصيات المؤسسات المالية الدولية (البنك العالمي وصندوق النقد الدولي)، هذه المؤسسات الليبرالية التي ما فتئت أن حذرت منذ تطبيق سياسة التقويم الهيكلي، من تدخل الدولة في الشؤون الاقتصادية واعتبرت أن تمويل المهام الاجتماعية يشكل عبئا على ميزانية الدولة ويؤزم الوضعية الاقتصادية والمالية، خاصة على مستوى تفاقم العجز الداخلي والدين الخارجي.
أستاذ بكلية الحقوق بالمحمدية*
يتبع..