فن وثقافةفي الواجهة

كتاب “مراكش التي كانت” أو ترميم الذاكرة بالكتابة

كتاب "مراكش التي كانت" أو ترميم الذاكرة بالكتابة

isjc

السفير 24 – محمد تكناوي

بدعم من المديرية الجهوية للثقافة بجهة مراكش آسفي ، نظمت جمعية دوز التمسرح مساء يوم الخميس 16 نونبر بفضاء دار الثقافة بمراكش. حفل توقيع كتاب “مراكش التي كانت” في استهلال هذا اللقاء الماتع تحدث ياسين عدنان بانسيابة شدت إليه انصات الحضور عن مراكش ومعالمها و تاريخها الضارب في القدم، وماضيها القريب الذي كان شاهدا عليه.

و اعتبر ياسين عدنان ان كُتّاب “مراكش التي كانت” الذي كان اسمه بداية هو ” مراكش أماكن دارسة ، والذي نسق أعماله هو مؤلف جماعي. لادباء يردّدون الهتاف نفسه، والشعار ذاته. إنه صرخة جماعية من أجل إنقاذ مدينة مراكش وإيقاف مسلسل التخريب لعدد من معالمها الأثيرة.

واذا كانت مراكش كما يؤكد ياسين تشهد تحولات إيجابية على مستوى التوسع العمراني، إلا أن هذه الوتيرة التي تتوسّع بها جاءت على حساب عدد من معالمها التي تتعرّض للمحو والاندثار يوما بعد يوم. والكتاب جاء صرخة احتجاج ضد تبديد هذه المعالم بالذات.

واعتبر ياسين عدنان ان حفل توقيع هذا المؤلف الجماعي ليس كما قد يفهم مجرد تقديم احتفالي للكتاب، بل هو لحظة لمساءلة المنجزَ في هذا الكتاب وما طاله من أوجه القصور. بل أيضًا لمسائلة دور الادباء و الفنانين و الكُتّاب و كيف يمكن لكل هؤلاء المساهمة في صيانة المدينة وتحصين معالمها؟ كيف يمكن المساهمة في تنميتها عبر الكتابة والإبداع؟

أيضًا، الجميع في مراكش يعيش اليوم في “حاضرة متجدّدة”، حسب الشعار. فكيف تتجدّد المدينة؟ أم أنه لا رأي لمثقفي المدينة وأدبائها فيما يحصل؟ ليس هناك ما هو أشدّ مضاضةً على المرء من أن يرى الإفساد صادرًا عن رغبة صادقة في الإصلاح، خاصة والكل يرى حومات مراكش العتيقة تتعرّض لتنميطٍ مُريع. نفس المقاولات تفبركُ على عجلٍ أبوابًا وشرفاتٍ متماثلةً حتى صارت كل الأبواب والأزقة تتشابه. لا فرق بين حيٍّ مرابطيٍّ وآخر سعديّ. فالمقاولة ذاتُها، تنتج النموذج عينَه حسب مواصفات عامة موحّدة، ولا وقت لديها للبحث والابتكار وإعمال الخيال. تلك الجمل المعمارية بديعة التنويع التي كانت تتجاور غابت وتمّ الإجهاز عليها. تنوّع الأبواب والشرفات، كل ذلك صار أثرًا بعد عين. و اليوم صار الجميع أمام باب واحد و”دفّة واحدة” من الملّاح إلى رياض العروس. فهل بمثل هذا التطابق المُريع المفتقر إلى الخيال تتجدّد المدن وتستعيد نضارتها؟

ثم ماذا عن المعالم التي تضيع؟ الكِتاب رصد بعضها مقهى المصرف وسينما بلاص و شارع الحوز………

إذن، كيف يمكن لأدباء المدينة وفنّانيها أن يواجهوا المحو والطمس وتغيير المعالم؟ هل بالكتابة فقط؟ وقد كتب الكثير ، لكن ماذا بعد الكتابة يتساءل ياسين؟

ثم هل الحِرْصُ على صيانة المدينة يعني أن الاقامة بشكل أعمى في رؤية أصولية ترفض التغيير والتحديث والتجريب الخلّاق؟

هل قدَرُ الادباء والمثقفين أن يواجه بعضَهم البعض. . فلماذا لم تعقد ندوة للتداول في المقترحات التي طُرِحت لتثمين قصر البديع وقصر الباهية مثلا؟ لم لا يتم تنظيم جلسات لتدارس أثر أمثال هذه المشاريع على تنمية المدينة، و رصد مكاسبَها ومخاطرَها على أوجهها الظاهر منها والخفي؟ هل قدر المثقفين ورجال الأدب آن يبقوا رهائن لوبيات توجّههم وتستخدمهم؟

هل من سبيل إلى صياغة موقف ثقافي رصين، حريص على الأصالة متطلع إلى التحديث؟ يستشرف مستقبل المدينة دون أن يتنكّر لماضيها بالضرورة؟

هي حزمة أسئلة تقاسمها ياسين مع الحضور وهي كما يقول تحتاج للتداول بشأنها .

بكلمة واحدة شكل اللقاء فرصة للحوار بما يصون شخصية مدينة مراكش ويجدّدها أيضا ذلك التجديد الخلاق الذي تستحقه.

الإدارة

مدير النشر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى